مقال : عثمان سونكو البطاطة الحارة في حلق ماكي صال

0
1209


بقلم البروفيسور محمد غالاي انجاي
مدير معهد المحراب – بروكسل


في الحقيقة السنغال بلد العباقرة والأولياء والأعجوبات والأضحوكات في نفس الوقت، فيه رجال عقلاء مؤمنون صادقون أوفياء نزهون ومحبون لبلدهم، وفيه منافقون متآمرون مخادعون وانتهازيون خسيسون! تلك هي سنة الحياة في معركة الخير والشر. والعجب العجاب أن هذه الفئة الأخيرة “قلة مُكَثَّرة”، أعني أنهم شرذمة قليلة، ولكن تتظاهر بسبب نفوذها الاجتماعي والإعلامي المفبرك والمصطنع كأنها كثرة! ما أريد قوله بشكل أبلج هو أن في هذه الأيام بعد أن فند المجلس الدستوري مشروع الكتلة البرلمانية الموالية للحزب الحاكم المتعلق بقرار تأجيل الانتخابات الرئاسية (أي التمديد لولاية ماكي سال)، وذلك بموجب طلب قدمه نواب كتلة المعارضة للطعن في القرار، ألفينا رؤوسا معروفة ومألوفة في الساحة السنغالية بدأت تطلع على الشاشات وعلى الشبكة العنكبوتية وتكتب في الجرائد تدلي برأيها في وضع البلد المتأزم، وهذه الرؤوس كانت في الحقيقة غائبة ومخفية في وكرها جبنا وخوفا من مآلات الأمور ومغباتها، لقد داهم أصحابها الخوف والذعر دون الإصداع بالحق ومجابهة الرئيس وحكومته الغاشمة الدكتاتورية بالحق والكلمة العادلة وقت كان الشعب في أمس الحاجة إلى أصوات تجأر بالعدل والإنصاف. في الواقع، إن بروز هؤلاء من أبراجهم العاجية وكهوفهم الحالكة وظهور تناقضات بعض من كانوا يؤيدون الرئيس الدكتاتور في اعتداءاته وافتئاتاته على المعارضة والبساتفة خاصة، ويحرضونه على القتل والسجن والتنكيل، ويعزفون له على أوتارهم المنافقة، كل هؤلاء اليوم بعد أن أيقنوا أن مصير ماكي صال وحكومته محتوم ومحسوم إن شاء الله لا محالة زائل، (كل ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محالة زائل/ إلا نعيم الآخرة)، بدأوا يقلبون فستانهم ويتظاهرون بخطاباتهم المنمقة وكلامهم المعسول كأنهم يحبون السنغال، إنهم في الحقيقة ذئاب في أجساد الأغنان، إنهم عملاء يركضون وراء مصالحهم الشخصية والأنانية، هم أناس جرداء من مبادئ وقيم نبيلة يتسكعون حيث المرتع واللقمة السائغة، أولئك كالأنعام بل هم أضل وأبخس.
والسؤال الوجيه الذي أطرحه، وأتحدى من منهم يجيب عليه، بل سيبقون أمامه مُفحَمين حيارى ومطأطئي الرؤوس، وهو كالتالي:

  1. أين كنتم يا متآمرون ضد شعبهم حين فُصل السيد عثمان سونكو من منصبه في عام 2014م بحجة أنه يفشي أسرار الحكومة في مسائل الغش وسوء الإدارة والنهب واختلاس أموال الدولة التي هي ملك للعامة! يا لهذه التهمة من فخر واعتزاز.
  2. أين كنتم يا انتهازيون حين رفع ماكي سال السيف النار والمؤامرة ضد سونكو في قضية الفتاة آجي صار بتهمة الاغتصاب، قضية لم تولد أسدا كما كان يتوقع الكثيرون، بل ولدت فأرا!!! يا لها من فضيحة.
  3. أين كنتم يا مخادعون حين وضعت الحواجز حول بيت الزعيم سونكو لمدة 55 يوما هو وأسرته البريئة محتجزون في بيته، منعوا من الخروج، والسفر خارج البلد، وهي حواجز غير قانونية وضعت أمام بيته رغما عنه! تلك هي الدكتاتورية بعينها.
  4. أين كنتم يا متفرجون متملقون حين تم اعتقال ما يقارب 3000 سنغالي وزجوا في السجون حيث عاشوا فيها حياة فظيعة من التعذيب والتنكيل، كنتم حينئذ تصفقون في صمت وتشمتون بهم بوصفهم أعداء السنغال. تلك هي الحكومة البوليسية.
  5. أين كنتم يا خونة حين زج في السجن زعيم المعارضة السنغالية عثمان سونكو دون وجه حق ودون أي مبرر قانوني، والغريب هو أن الشعب السنغالي بأسره يعلم أن ما أًسند إليه من اتهامات كلها باطلة مزيفة، مجرد أكاذيب ملفقة ومفبركة ضده. تلك هي سمات الدولة العميقة.
  6. أين كنتم يا مثبطون حين حُل حزب باستيف دون أي مبرر قانوني مقنع، والأدهى والأمر هو أن يتكلف بإعلانه وزير الداخلية أنطوان جيوم، يا له من تعاسة وخبث، وهذا الوزير وصمة عار على هذا المنصب إلى أبد الآبدين.
  7. أين كنتم يا جبناء حين شرعت الحكومة الغاشمة في اعتقال السنغاليين الذين يعيشون في المهجر حين وصولهم إلى بلدهم لمجرد مساندتهم لزعيم المعارضة عثمان سونكو أو لحزب باستيف. تلك هي بداية سيناريوهات سياسة الأرض المحرقة.
  8. أين كنتم يا أهل الغدر والكيد حين منع نظام ماكي سال أية مظاهرة تقوم بها فئة معارضة في البلد: تلك هي الدولة اللاقانونية.
  9. أين كنتم يا مرتزقون حين تم تقتيل المدنيين السنغاليين الأبرياء من قبل الحكومة لمجرد مساندة الزعيم سونكو وحزب باستيف. تلك هي دولة الغابة والهمجية.
  10. أين كنتم يا عملاء حين شاهدتم ماكي سال يحابي أسرته ويمارس العرقية في المناصب داخل أجهزة الدولة وحتى داخل الحزب الحاكم. تلك هي الفتنة الكبرى.
  11. أين كنتم يا أنانيون حين قامت حكومة ماكي سال الدكتاتورية باعتقال الصحفيين الأبرياء لمجرد ممارسة وظيفتهم بتهمة الانحياز أو غيرها: إنها لكبت للحريات باسم دولة القانون، سحقا لكم.
  12. أين كنتم يا ديوثيون التعساء حين قام ماكي سال وحكومته بأبشع جريمة في تاريخ السنغال الحديث: قامت الدولة بطريقة غير شرعية، وبالمال العام، بشراء مدافع حديثة وفتاكة لقمع الشعب، وقد تولى أمر هذه المهمة الخبيثة الرجل المقرب للرئيس أعني عبد الله داود جالو. لقد شاهد السنغاليون أوغادا ورجال المليشيات الذين لا ينتمون قط إلى رجال الأمن، بل هم مدنيون، مدججين بالأسلحة النارية الفتاكة يطلقون النار في شوارع دكار على المدنيين السنغاليين الأبرياء المتظاهرين وذلك تحت شمس الظهيرة وعلى مرأى ومسمع من المجتمع الدولي. مع الأسف لم يتحرك شيء، لم يكن ثمة أي تدخل داخلي علني لا من المجتمع المدني بما فيه رجال الدين، لإدانة حكومة ماكي سال والتحرك لكبح جماحها في شراستها ضد شعبها! تلك هي دولة الأوغاد والمجرمين.
  13. أين كنتم يا رويبضة السنغال حين تم سجن وتعذيب، بل وقتل الإمام علي اندو، رحمه الله – دم شهيد البلد لا يذهب سدى.
  14. أين كنتم يا من آثروا الأولى على الآخرة حين تم تعذيب الرجل الجريء مَانْكَابُو وقتله ببشاعة خسيسة، تلك هي سياسة النار والسيف.
  15. أين كنتم يا من لا ضمير لكم حين تم تغييب العسكريين باجي وزميله حيث أعن فجأة أنهما اختفيا بين عشية وضحاها في عمق المحيط الأطلسي، أين كنتم، وأين كنتم.
    تلك عشرة ونيف من مساوئ وبشائع حكومة ماكي سال، لمن أراد أن يتعقل أو يتذكر أو أراد أن يتبع سبيل العناد والعمى والغي. إن سكوتكم المحير والغير البريء في تلك اللحظة الحرجة والعصيبة وما تخللها من جرائم وافتئاتات هو عين الخمول والانتكاس الأخلاقي وفقدان الإيمان، وبل انعدام روح الإنسانية.
    لكل ذلك، نعتقد أن الظلم الفادح الذي كابد ويلاته السيد عثمان سونكو (مُوسَلْمِ) لن يذهب أدراج الرياح، بعبارة أخرى لن يكون عثمان سونكو لقمة سائغة تمضغ بسهولة، بل سيكون تلك البطاطة الحارة في حلق ماكي سال وعصابته إلى أن يدفعوا ثمن ما تلطخت بهم أيديهم.
    وأختم بأعجوبة مضحكة لم أجد لها تفسيرا مقنعا في دائرة قريحتي، تتمثل في أن بعض رجال الدين كانوا يقولون: السيد عثمان سونكو رجل عنيف، لا يحب السلام، هو عدو البلد ويكره الطرق الصوفية لأنه سلفي، لا نقبل أن برأس البلد، اليوم نسمع من نفس هؤلاء: لا بد من إخراج سونكو من السجن لكي يستتب الأمن والسلام في البلاد! فهؤلاء لا يهمهم البلد وسلامته، هم فقط من ضمن أولئك الذين يعرفون من أين يُؤكَلُ الكتف.
    بقلم البروفيسور محمد غالاي انجاي- بروكسل

LAISSER UN COMMENTAIRE

S'il vous plaît entrez votre commentaire!
S'il vous plaît entrez votre nom ici